شيرزاد شيخاني: وأد البنات في كردستان العراق.

ئەرک نەبێت، کلیک بکەرە سەر سمبولی فەیسبووک، ئەم بابەتە بنێرە سەر بەشەکەت

إهتز المجتمع الكردستاني خلال الأيام الماضية جراء الجريمة البشعة التي إرتكبها أحد المجرمين ضد عائلته المكونة من أم وثلاثة أطفال صغار تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات، حين أحرقهم جميعا داخل غرفة بمنزله. وأثارت تلك الجريمة النكراء غضب الشارع الكردي، وقام العديد من المنظمات المدنية بإدانة هذه الجريمة والمطالبة بالقصاص من القاتل المجرم. وإشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بدورها لإستنكار الجريمة شعبيا.
الضجة الكبرى التي أثارتها الجريمة ليست الأولى من نوعها في اقليم كردستان، فقد سبقتها جرائم أخرى كثيرة أثارت الرأي العام أهمها ، الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والنساء وتمييع قضاياهم من قبل السلطة الحاكمة التي تتحمل بالدرجة الأولى مسؤولية أمن المواطن ، وهو أمن مفقود في كردستان منذ فترة طويلة على الرغم من تفاخر مسؤولي السلطة زورا وبهتانا بإستقرار أمن الإقليم ، والترويج الكاذب لمقولة بأن عاصمة الإقليم ” أربيل ” هي المدينة الخامسة الأكثر أمنا على مستوى العالم!.
فبحسب الأحصاءات الرسمية الصادرة عن الدوائر الأمنية بحكومة إقليم كردستان شهد العام المنصرم وقوع 44 جريمة قتل بحق النساء بزيادة عن مستواها في العام 2017 الذي شهد 42 جريمة قتل النساء ، أي بمعدل جريمة واحدة كل اسبوع تقريبا.
ويوم أمس أعلن المتحدث بإسم مديرية شرطة أربيل عن احصائية رسمية لعدد الجرائم التي شهدها العام 2018 وفيها ، 44 جريمة قتل للرجال عدا النساء ، و24 حالة انتحار للرجال و 10 حالات انتحار للنساء .أما جرائم السرقة فقد بلغت 819 حالة ، وسرقة السيارات 79 حالة . الى جانب 849 حالة شجار مسلح . وبلغ مجموع الجرائم التي أرتكبت في عاصمة الإقليم وحدها 3653 جريمة قانونية خلال العام.
هذه الأرقام المخيفة تؤكد بأن الحالة الأمنية غير مستقرة على عكس إدعاءات الحكومة بوجود الأمن والأمان في كردستان ، والسبب الرئيسي لتزايد عدد هذه الجرائم ووقوعها بشكل يومي هو وجود حالة سائبة للتسلح على مستوى الإقليم ، فالحصول على السلاح أصبح من أيسر الأمور ، بل أن الحكومة تساهم بتشجيع الناس على شراء الأسلحة عبر تسهيل منح اجازات حملها دون داع ، على الرغم من أن الحالة في كردستان لاتستوجب تسليح المجتمع ، فليست هناك أية تهديدات ارهابية ضد المجتمع الكردستاني ، وحتى لو كان هناك تهديد فيفترض أن تواجهه الحكومة وقواتها الأمنية وليس المواطن.
ومن جانب آخر فإن السلطة بكردستان تتحمل جزءا آخر من مسؤولية شيوع الجريمة، ففي تصريحات لمسؤولين في هيئة حقوق الانسان بإقليم كردستان يشيرون الى أن الغالبية العظمى من مرتكبي الجرائم هم ممن خرجوا من السجون بقوانين العفو التي أصدرتها رئاسة الإقليم تباعا عبر السنوات الماضية ، فقد اعتادت رئاسة الإقليم أن تصدر في مناسبات الأعياد وغيرها قوانين بالعفو عن المحكومين بقضايا جنائية ، وهذا أمر يثير الاستغراب ولا يحدث الا في الحكومات التي لاتحترم القانون وسيادته ، فما معنى أن يعفى محكوم تمت ادانته من قبل المحاكم ويخرج سالما غانما بعد أن يكون قد إرتكب جريمة ضد القانون ؟؟!. أليس من المفترض أن يكون السجن رادعا لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة ضد الآخرين ، فإذا كانت هناك قوانين عفو دورية تخرج الجاني من السجن ،فإين رادع الجريمة ؟!.
ما يحدث اليوم من جرائم العنف والقتل الممنهج ضد النساء بكردستان ، يشبه تماما الجرائم التي كانت المجتمعات الجاهلية ترتكبها بوأد البنات ، فالثقافة المتخلفة التي تشيعها سلطة قبلية وعشائرية حاكمة اليوم بكردستان تكون نتائجها ما نشهده من جرائم ضد النساء والتي تزداد بوتيرة مخيفة وبشكل أكثر وحشية عن الجرائم العادية ، فالجريمة الأخيرة التي أقدم عليها أحد الأزواج بحرق زوجته وأطفاله الثلاثة لا يمكن تبريرها إلا كونها جاءت بسبب التأثر بتلك الثقافة المتخلفة للسلطة الأبوية الشائعة لحد اليوم في المجتمع الكردستاني ، وكذلك تشجيع السلطة الحاكمة لثقافة غريبة على المجتمع الكردستاني وهي ثقافة مستوردة عبر برامج التلفزيونات والفضائيات التي تشجع على الانحلال الخلقي وتفكيك العلاقات الاجتماعية ، فالجريمة التي إرتكبها هذا المجرم ضد زوجته وأطفاله كان دافعها هو علاقة محرمة بينه وبين احدى الفتيات من جيرانه حسبما تقول التحقيقات الأولية في الجريمة ، وهذا بالتأكيد جاء بسبب غزو المسلسلات التركية والأجنبية لشاشات الفضائيات والتلفزيونات المحلية.
ان التسيب الحاصل في حمل السلاح ، وسكوت السلطة الحاكمة عن الجرائم التي ترتكب ضد النساء ، وتمييع القضايا القانونية بجرائم القتل ، واللجوء الى الفصل العشائري بديلا عن المحاسبة القانونية ، وارتكاز الأفراد والجماعات الى الولاء الحزبي والعشيري للهروب من المحاسبة القانونية على الجرائم ، والأنكى من ذلك صدر قوانين العفو عن المجرمين بشكل دوري ، كل ذلك أدى الى شيوع الجريمة في كردستان والتي سوف لن تقف عند حدود معينة، بل أن كردستان مرشحة كما يقول رئيس هيئة حقوق الانسان كي تتحول الى مجتمع ” الغرب الأمريكي ” في القرن قبل الماضي حيث كان ” الكاوبوي ” هو الرجل المسيطر على المجتمع ، والعصابات المسلحة هي من تدير السلطة.

ئەرک نەبێت، کلیک بکەرە سەر سمبولی فەیسبووک، ئەم بابەتە بنێرە سەر بەشەکەت